كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: كشف جنرال إسرائيلي بارز، قاد في السنوات الأخيرة القوات المرابطة على الحدود مع لبنان، أن جيشه يبني جزءاً أساسياً من قوة الردع له في الشمال على أمرين جديدين، إضافة إلى الحسابات التقليدية الأخرى، هما: تراجع مكانة «حزب الله» وفقدانه الإجماع الوطني اللبناني؛ والتجربة الروسية في أوكرانيا.
وأوضح قائد «فرقة الجليل» في الجيش الإسرائيلي العميد شلومي بيندر، الذي سينهي في الأسبوع المقبل مهماته على الحدود ليرقى لرتبة لواء ويتولى مهمة مركزية في رئاسة أركان الجيش ويصبح قائد قسم العمليات، أن هناك دروساً مهمة يحاول الجيش الإسرائيلي الاستفادة منها في تجربة الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال: «الروس يديرون حرباً مدمرة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، ولا يكترثون للنقد الدولي الشديد والعقوبات الاقتصادية القاسية والطرد من مؤسسات دولية، بل يواصلون عملياتهم بإصرار».

وأضاف بيندر، خلال لقاءات صحافية، أن «حزب الله» يعد تنظيماً إرهابياً بمستوى جيش نظامي، ولا يمكن وصفه بـ«جيش من الحفاة الذين يتلقون ضربات منا فقط». وقال: «بحوزة حزب الله سلاح كثير ومتطور وباتت لديه خبرة قتالية كبيرة من جراء مشاركته في المعارك في سوريا، إلى جانب القوات الإيرانية والسورية. ولديه في السنوات الأخيرة، قوات رضوان، وهي كوماندوس النخبة في حزب الله. وينتشر مقاتلوه في جنوب لبنان، ولديهم أدوات قتالية لم تكن بحوزتهم عام 2006، وفي مقدمة ذلك خطة وقدرة هجومية في أراضينا. ووسعوا قدرتهم النارية الموجهة إلى جبهتنا الداخلية وحسّنوا قدرتهم الدفاعية أمام اجتياح بري للجيش الإسرائيلي».
واعتبر أن «أحد المؤشرات البارزة لانتقال حزب الله من منظمة أنصار إلى جيش هو تطوير تشكيلات (عسكرية) هجومية واسعة، وليس شن هجوم موضعي أو الدفاع عن النفس. وهذا ليس سيئاً لنا بالضرورة. فبقدر ما يتحول أكثر إلى جيش وتكون لديه أنماط ثابتة، فإنه ينشئ بذلك أهدافاً لنا لنهاجمها. فالجيش ينبغي أن يتحرك، ويجمع قوات. وهذا يترك آثاراً يتم تعقبها. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن مَن يقود حزب الله، حسن نصر الله، هو إنسان متزن وعقلاني، لا يغامر بلا حسابات. وهو مرتدع ويعرف أنه إذا بادر لهجوم على إسرائيل فسيُنزل كارثة على نفسه وعلى حزب الله كله وعلى الدولة اللبنانية أيضاً. ولكن في الوقت ذاته، أنا كقائد يعيش على الجبهة هنا يومياً، أفترض طوال الوقت أنه قد تكون هناك مفاجآت، وأن بإمكانه القيام بخطوة غير متوقعة. ونحن مستنفرون وقلقون طوال الوقت، وندرك أن الواقع قد يقفز من صفر إلى مائة بسرعة كبيرة جداً».
وأشار بيندر إلى واقع «حزب الله» المتغير في لبنان، كأحد العناصر التي تعد ذات تأثير إيجابي على إسرائيل، وتسجل كنقطة ضعف إضافية على خصمها. فقال إن «حزب الله لم يعد محلّ إجماع (في لبنان)، ولا حتى بين الشيعة. فقد نشأت معارضة داخلية له. والدليل هو أن حزب الله قتل معارضين من أبناء هذه الطائفة، لانتقادهم له علناً». وأشار بشكل خاص إلى اغتيال الكاتب الصحافي الشيعي المرموق، لقمان سليم، في فبراير (شباط) 2021، وهو المعروف بنقده اللاذع لكل مظاهر الطائفية في لبنان وبرز كمعارض بقوة لـ«حزب الله».
وقال إنه في الوقت الذي يعيش فيه البلد أزمة سياسية واقتصادية شديدة ومنهكة، يوسع «حزب الله» التأثير الإيراني. والسيطرة الإيرانية تؤثر في لبنان مثل ضفدع يُطهى ببطء داخل وعاء. ومع أن إيران تخضع لعقوبات دولية، فإن مساعداتها لـ«حزب الله» لم تتوقف ولو أنها تراجعت. ومقاتلو «حزب الله» يقبضون رواتب أفضل من الجيش اللبناني.
وأكد أن «المقاتل الناشط في حزب الله يقبض راتب جنرال في جيش لبنان، بقيمة 500 دولار شهرياً. والناس في لبنان يعرفون أن إيران تستخدم حزب الله في معركتها ضد إسرائيل، ومستعدة للعب بالنار وخوض حرب ضدنا يدفع ثمنها اللبنانيون. هذا يجعل الكثيرين يصابون باليأس. نحو 200 ألف لبناني هجروا وطنهم بسبب هذه الحال. وهناك مشكلة نقص في الكهرباء والماء والغذاء، يعاني منها كل اللبنانيين، ولكن معاناة أنصار حزب الله أقل. وهذا يجعل الحزب يفقد ما كان له من شعبية لدى غير الشيعة وحتى لدى أوساط شيعية».

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com