تمخَّض جبل ثورة 17 تشرين بشقِّها المسروق، فولَد عشرات اللوائح المشتتة بين الدوائر، من دون أن يجمع بينها إلا التنافس على المقاعد، بلا أي طرح مشترك، أو تصوُّر واضح للمستقبل… وهذا ما سمح لبعض القوى التي قفزت من قارب الدولة في اللحظة الأخيرة، بعدما ساهمت في إغراقه لسنين، كالقوات والكتائب وأحزاب أخرى، وكبعض الشخصيات الموزعة بين زغرتا وزحلة وكسروان وغيرها من الأقضية… هذا ما سمح لهؤلاء بادعاء تمثيل الثورة الفعلية، في وقت خرجت قوى أساسية من السباق، هرباً من تحمل المسؤولية.
تمخَّض جبل ثورة 17 تشرين بشقِّها المسروق، فولد مشهداً مؤسفاً، يسأل معه جميع اللبنانيين، وفي طليعتهم من شاركوا بصدق في تلك التحركات، عن الخلفية الفعلية لإطلاقها، وعن الهدف من الخراب والدمار الذي سرعت في إحلاله باقتصاد البلاد ووضعه المالي، في وقت كان يمكن تفادي الأسوأ، لو ظلَّ العقل راجحاً، والمنطق سيد المواقف الأحكام.
تمخَّض جبل ثورة 17 تشرين بشقِّها المسروق، فولد مئات الصور واللوحات الإعلانية المنشورة فوق كل الأسطح، وعلى كل الحيطان، وفي كل الطرق، بتكاليف باهظة، لكن مع مضمون فارغ، وغير واقعي، لا يصدّقه الناس لأنه لا يقدم حلولاً عملية للمشكلات الأساسية التي تواجه الوطن والشعب.
تمخَّض جبل ثورة 17 تشرين بشقِّها المسروق، فولد تدخلات خارجية لن تجدي نفعاً في قلب الموازين، من أي جهة أتت، لأن ما يكتبه اللبنانيون في صناديق الاقتراع، سواء في لبنان أو بلدان الانتشار، هو الكفيل من دون سواه، برسم صورة المجلس النيابي الجديد.
تمخَّض جبل ثورة 17 تشرين بشقِّها المسروق، عن هدف واضح بشطب طرف واحد من المعادلة، بعد تحميله لوحده، المسؤولية الكاملة عن كل ما حلَّ بالبلاد، في وقت اكتست الميليشات، التي حرقت البلد في زمن الحرب، وسرقته في زمن السلم الموهوم حلَّة التغيير، ولبس الورثة السياسيون والنواب المستقيلون قناع الإصلاح، بعدما أصدروا أحكام البراءة وقرارات العفو في حق أنفسهم عن كلِّ ما جرى.
غير أن الأهم مما تمخَّض عنه جبل ثورة 17 تشرين بشقِّها المسروق، والأجدى مما يكرره يومياً سمير جعجع ومناصروه، وفتى الكتائب والورثة السياسيون والنواب المستقيلون، ومعهم جميع الطامحين عن حق وبغير حق، وإلى جانبهم جميع السفراء والقناصل والديبلوماسيون… الأهم والأجدى مما يكرره جميع هؤلاء، هو ما سيقوله شعب لبنان مرة واحدة وبصوت واحد بعد أيام في ثورة 15 أيار الانتخابية:
وإلى هذا الشعب بالتحديد، وإلى هؤلاء الثوار الفعليين على وجه الخصوص، نقول:
لا تردوا على الشتيمة بالشتيمة، بل ردوا على الشتيمة بالصوت.
لا تردوا على المتنمر بالتنمر، بل ردوا على المتنمر بالصوت.
لا تردوا على الكاذب والمضلل والدجال بالكذب والتضليل والدجل بل ردوا عليه بالصوت.
لا تطالبوا بالرد على الحملات الدعائية الضخمة التي تكلف الملايين، بحملات مضادة تكلف المليارات، بل ردوا على الحملات الدعائية الضخمة بالصوت.
لا تطالبوا بالرد على الإعلام الموجَّه بإعلام موجه فقط، بل ردوا على الإعلام الموجه بالحقيقة والصوت.
لا تطالبوا بالرد على المال السياسي بمال سياسي، وبرشوة الناخبين، بل ردوا على المال السياسي فقط بالصوت.
فصوتكم وحده هو المسؤول عن رسم مستقبل لبنان ومصير اللبنانيين، وهذه هي الحقيقة التي لن تبدل فيها كل أساليب الغش المباشرة أو الملتوية من الآن وحتى الاستحقاق.
ولأننا على مسافة 27 من الانتخاباتِ النيابية، نكرر: تذكروا يا لبنانيات ويا لبنانيين، إنو لأ، مش كلن يعني كلن، بغض النظر عن الحملات والدعايات والشتائم والتنمر وتحريف الحقيقة والكَذب المركّز والمستمر بشكل مكثف من 17 تشرين الاول 2019. ولمّا تفكروا بالانتخابات، حرروا عقلكن وقلبكن من كل المؤثرات والضغوطات، وخللو نظرتكن شاملة وموضوعية، وساعتها انتخبوا مين ما بدكن، بكل حرية ومسؤولية. واجهوا الكل، وأوعا تخافو من حدا، مين ما كان يكون.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بنا