كل المسائل عادةً تحتملُ اكثرَ من وجهةِ نظر. اما في لبنان، وعند بعض السياسيين بالتحديد، فكل المسائل لا تحتملُ الا قُصر النظر.
تخيلوا مثلا، لو وافق الرئيس ميشال عون على اجراء الانتخابات النيابية في آذار، اي في الشهر الحالي، ولو لم يُعلن بكل وضوح انه لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الا في ايار. ماذا كان ليحصلَ اليوم؟ واين كل الذين سخروا يومها من تحذير الرئيس عون والنائب جبران باسيل والتيار الوطني الحر من ان يُشكل سوء الاحوال الجوية عائقا امام اتمام العملية الانتخابية في هذا الشهر؟ الا “يترنخون” اليوم؟ والا يتابعون نشرات الاحوال الجوية التي تُنبئ بالطقس العاصف والثلوج على ما هي العادة اصلاً في شهر آذار؟ وماذا كان هدفُهُم اصلا من تقريب الموعد الى آذار؟ وهل من لبناني واحد يصدق ان منطلقَهم كان الحرصُ على الاخذ برأي الشعب في اقرب وقت ممكن؟
ولو اجريت الانتخابات في آذار كيف كان الناخبون والموظفون سيتنقلون وسط الامطار والثلوج؟ وماذا عن كلفةِ تدفئةِ مراكز الاقتراع؟
كلُ الاسئلة قد تجد لها جوابا الا هذا السؤال: لماذا فعليا كانوا يريدون الانتخابات في اذار؟
في كل الاحوال قُصر النظر لا يقتصر فقط على الموعد، بل يشمل بطبيعة الحال موقفَهُم الغريب العجيب من رفض الميغاسنتر، وقبلَه من ضرب حق المنتشرين في الاقتراع لمرشحين من بينهم لتمثيلهم بشكلٍ مباشر، كما ينطبق قُصر النظر على كل ما قاموا به لضرب الاصلاحات التي اُدرجت في قانون الانتخاب بعد نضال سياسي طويل في العام 2017.
وبكل وقاحةٍ يتهمون غيرَهُم بالسعي الى تأجيل الانتخابات لأنه خائف من النتائج.
فمن الذي لا يريد الانتخابات؟ ومن الخائف من النتائج؟ من يسعى الى تحديد موعدها في شهر الثلوج او من يطلب تثبيتَها في موعدها الطبيعي والتقليدي في ايار؟
ومن يسعى الى فاعلية الانتخاب: من يعمل لاقامة مراكز الميغاسنتر لتحفيز الناخبين على المشاركة ام الذي يُطير المشروع لأسباب وذرائع غير مقنعة وواهية حتى لا نقول سخيفة؟
الاسئلة تكثر والشرح يطول لكن، قبل الدخول في سياق النشرة، ولأننا على مسافةِ شهرين تقريباً من الانتخاباتِ النيابية المُزمع إجراؤها في 15 أيار المقبل، الموعدِ الذي يُمارِس فيه الشعب حقَّه الدستوري بأن يكون مصدرَ كلِّ السلطات، “تذكروا يا لبنانيات ويا لبنانيين، إنو لأ، مش كلن يعني كلن، بغض النظر عن الحملات والدعايات والشتائم والتنمر وتحريف الحقيقة والكذب المركّز والمستمر بشكل مكثف من 17 تشرين الاول 2019.
ولمّا تفكروا بالانتخابات، حرروا عقلكن وقلبكن من كل المؤثرات والضغوطات، وخللو نظرتكن شاملة وموضوعية، وساعتها انتخبوا مين ما بدكن، بكل حرية ومسؤولية”.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بنا