الواقعية شيء، والاستسلام شيء آخر.
فالواقعية هي الاقرار بواقع الحال على ما هو عليه، اي بلا زيادة او نقصان، وبلا تشنيع او تجميل.
اما الاستسلام، فهو الاقرار بأن الواقع السيء دائمٌ وان اي محاولة لتحسينه ستبوء حكما بالفشل.
الواقعية نتيجتُها الحتمية، التعامل مع الواقع لتحسينه. اما الاستسلام، فمفهومه الاكيد التأقلم مع الواقع السيء بما يؤدي الى تثبيته، بدل السعي الى التحسين.
وكم يتأرجح اللبنانيون اليوم بين هذين المفهومين، اي الواقعية او الاستسلام، فيما كل المطلوب هذه الايام هو درجة عالية من الواقعية ونسبة صفر من الاستسلام، ولو ان تطبيق الامر عمليا ليس بسهولة الكلام.
وانطلاقا من هذا المبدأ، كل الشخصيات والقوى السياسية المعروفة والناشئة مدعوة لتقديم تصوراتها للواقع، ونظرتها للتحسين، قبل اشهر من خضوعها لامتحان الشعب. وفي هذا الاطار، يمكن قراءة مواقف التيار الوطني الحر اليوم على اكثر من صعيد.
ففي موضوع الحكومة، تحذير من ان يكون تقاطع المصالح السياسية وراء التعطيل المُتعمّد، مع تجديد الدعوة الى المعنيّين للإفراج عن مجلس الوزراء.
اما الموافقات الاستثنائية، فرئيس الجمهورية محق في عدم القُبول بها طالما الحكومة القائمة كاملة الأوصاف، والمجلس النيابي مَدعو لمساءَلة الحكومة عن سبب عدم انعقادها.
في موضوع التحقيق في انفجار المرفأ، اسئلة حول الاستنسابيّة والتأخير، فيما الوقت حان لكي يصدر المُحقّق العَدلي القرار الظنّي ويرفع الظلم عن الموقوفين المتهمين بمعظمهم بالإهمال الإداري، فيما عائلاتهم تتألّم على أبواب الأعياد.
وفي موضوع التعديلات التي تلاعبت بقانون الانتخاب وخالفت الدستور، ثقة وأمل في ان يبت المجلس الدستوري بالطعن الذي قدمه تكتل لبنان القوي.
اما في موضوع حاكم مصرف لبنان، فتشديد على ان الممارسات تدعو إلى أكثر من الرَيبة وتؤَكّد الشكوك بالأهلية والنوايا، ما يستدعي ان تُكفّ يده فَوراً ويحاسب. وبالنسبة للاتهام الذي ساقه وزير المال السابق علي حسن خليل ومن يمثل، فجواب واضح من التيار ولو من دون تسمية: من يتّهمنا كذباً بإبقاء الحاكم في موقعه فليلاقينا في تنفيذ الاقالة وليثبت مصداقيته في هذا الأمر.
وفي موضوع التعاميم التي يصدرها الحاكم، فتخبُّط متعمَد أو جهل، ذلك ان الوضع الذي نحن فيه لا مثيل له في العالم، وهو يخالف إرشادات صُندوق النَقد الدَولي بتوحيد سِعر الصرف ويؤدي إلى اقتِطاع ظالم لا بَلْ سرقة لأموال المودعين. وفي سياق إخفاء الارتكابات، تابع التيار في بيان هيئته السياسية اليوم، انكشفت فضيحة جديدة خلاصتها أن شركة الميدل ايست التي يملكها ويديرها مصرف لبنان والتي تتحكَّم بأسعار بطاقات السفر، لم تقم على مدى اكثر من عشر سنوات بالمصادقة على حساباتها، وهي تقوم اليوم بالمصادقة على الحسابات بدءَاً من عام 2011، في حين يفرض القانون أن تكون هذه العملية منتظمة سنويّاً، مِمّا يطرح علامات استفهام حول تغطية مخالفات سابقة واخفاء حقيقة الأرقام التي يخشى الحاكم أن تظهر في أي تدقيق مالي او جنائي يحصل، ختم بيان التيار.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بنا