يتابع اللبنانيون يومياً عشرات نشرات الاخبار والبرامج السياسية، ويتلقَّون مئات الإشعارات بأخبار عاجلة، فضلاً عن مقالات المواقع الإلكترونية، وتعليقات مواقع التواصل، لكنهم لا يقبضون معظمها “جّد”.
أما تصريحات الغالبية الساحقة من السياسيين، ومواقف من يزعمون باستمرار أنَّهم ضد “كلن يعني كلن”، فيشاهدها الناس إما من باب التسلية، أو من باب الأمر الواقع، لأن أربابها يحتلون الشاشات ويملأون الأثير، ويُغرقون مواقع الإعلام والتواصل الإلكترونية بكلامهم الممجوج الذي يَعرف الجميع أنَّه لن يقدم أو يؤخر، طالما يدور في فلك المناكفات والمزايدات والحرتقات، ولا يعبِّر عن مشروع جدي يهدف إلى إنقاذ لبنان من مستنقع الأزمات الذي دفعته إليه دفعاً ممارسات السنوات الثلاثين الماضية.
لكن، في موازاة ما سبق يبقى بصيص أمل داخلي يتيم، مصدره الآتي:
أولاً: شخص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يجسد حاضرُه الوطني استمراراً لماضيه، والذي يعتبر أن مستقبل السياسي صار وراءه، وأن همَّه الوحيد مستقبل لبنان.
ثانياً: الصحوة اللبنانية الصادقة، المؤمنة بالدولة العصرية، والتي طالما عبَّرت عن نفسها في مفاصل تاريخية أساسية، كمثل الأعوام 1989 و2005 و2019. وإذا كانت الأولى أجهضت مفاعلُيها تسوية خارجية على حساب شعب لبنان، والثانية أسقطتها مخالب القوى التي هيمنت على مقدرات البلاد في مرحلة الوصاية وما بعدها، التعويل قائم على تحويل الثالثة إلى قوة جدية للتغيير المنشود، إذا صحح أهلُها الأهداف، ليصوبوا في الاتجاه الصحيح، بعيداً من التعميم الذي لا نتيجة له إلا تجهيل المرتكبين وحمايتهم من أي حساب.
ثالثاً: انتفاضة قضائية مطلوبة، تتويجاً لعلامات العدالة المضيئة التي يتبيَّنها اللبنانيون بين حين وآخر، في مقابل حالة ركود كبيرة على مستوى العدالة، دفعت بكثيرين من الناس إلى تكوين انطباع قد يكون محقاً بأن ما من ملف يُفتح يصل إلى خواتيمه العادلة، بل مصيرُه التطميش والتطنيش لألف غاية وعلة.
لكن، في موازاة ما تقدم، ومع علمهم اليقين بأن قرار الخروج من الأزمة ليس محلياً، بل يتطلب توافقاً إقليمياً دولياً معيناً لا يبدو متوفراً في القريب العاجل، لا يزال الناس يتركون هامشاً ضيق لمفاجآت أو مبادرات ليست في الحسبان، وهذا هو الضوء الوحيد الذي يقبضونه “جد” في نهاية النفق الطويل.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بنا