الأربعاء 13 نيسان 2022

كتبت ندى أيوب في الأخبار:

90% من الشبان الجامعيين قرّروا الهجرة بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية، و67.5% اتخذوا قراراً بالهجرة «بلا عودة» إلى بلد لم تعد أبسط مقوّمات الحياة متوافرة فيه، وبحثاً عن «مستقبلٍ أفضل» بحسب العبارة التي استخدمها 85% من الشباب الذّين اتخذوا قرار المغادرة وفق دراسة أُجريت حديثاً

قبل الانهيار، لم يكن لبنان بلداً نموذجياً لاحتضان شبابه. ففي عام 2010 أعدّ البنك الدولي دراسة تشير إلى أن عدد طالبي العمل يبلغ 50 ألفاً سنوياً، وأن الاقتصاد لا يوفّر سوى 3 آلاف فرصة عمل سنوياً. وفي السنوات العشر الأخيرة لم يختلف الوضع كثيراً، إذ لم يكن هناك نموّ اقتصادي يستهدف خلق فرص العمل بشكل عام، ولم يكن هناك نموّ نوعي يسمح بالارتكاز عليه لتطوير القطاعات الإنتاجية. وبحسب الأرقام الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي لعامي 2018 – 2019، فإن ارتفاع عدد العاطلين من العمل إلى 203 آلاف، لم يكن نتيجة صادمة، إنما كان لافتاً أن يتخطّى عدد العاطلين من العمل بين حملة الشهادات الجامعية الـ35%. ورغم الشكوك بأن هذه الأرقام لا تعبّر عن الواقع الفعلي إلا جزئياً، إلا أنه في نهاية 2019، لاحت بوادر الأزمة. وبالفعل، انكسر تثبيت سعر الصرف، وتوقف مصرف لبنان والمصارف عن سداد الودائع بالعملات الأجنبية، ثم تلاها توقف الدولة عن سداد أصول وفوائد سندات اليوروبوندز، وفشلت حكومة حسان دياب في تمرير خطّة تعافٍ أعدّتها بالتوافق مع صندوق النقد الدولي… ثم باتت إدارة الأزمة بيد حاكم مصرف لبنان ومجلسه المركزي، فبدأ سعر الدولار مقابل الليرة يقفز مغذياً تضخّم أسعار السلع والخدمات، وإغلاق المؤسسات وصرف العمال… كل ذلك أنتج الرغبة في الهجرة.

38% من الشباب الجامعي يتقاضون أقل من 660 ألف ليرة أي ما دون الحدّ الأدنى للأجور

الحديث عن فعل تهجير ممنهج من قبل السلطة للشباب اللبناني ليس اتهاماً، إذ إنه في خانة الدوافع، صرّح 90% بأن قرار الهجرة اتخذ بسبب الأزمة المالية الاقتصادية، و67.5% قالوا إنه بسبب الأزمة السياسية، و33% «بعد انتفاضة 17 تشرين»، و50% «بعد انفجار مرفأ بيروت» (هناك إجابات متعدّدة للمستفتى الواحد). 40% من الشباب الراغبين في الهجرة اعتبروا أن البلدان المضيفة هي مصدر سعادة، وأن 60% يعيشون حالة يأسٍ تدفعهم إلى المغادرة باتجاه مصير لا يجدونه مضموناً.
بين القلق وعدم اليقين، وكلما تأثّرت كافة جوانب الحياة اليومية بالأزمات المعقدة كلما وجد الشباب اللبناني الحل في الهجرة. تقول منعم: «إننا نواجه شريحة ذات وجهين: الأوّل، فائدة البلد المضيف من مواردنا البشرية، والثاني خسارة لبنان لرأسماله البشري والأكثر مهارة». ديموغرافياً هناك تداعيات ستطاول نسب الخصوبة والزواج، وسيتحوّل المجتمع اللبناني، مع الوقت إلى مجتمع هرم وفقير. التحدي يبقى في قدرة الدولة على وضع رؤية مستقبلية وتنفيذ سياسات تزيد من الإنتاجية المحليّة وتُمكّن المجتمعات المحلية وتضمن انخراط الشباب في الحياة السياسية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com