الخميس 14 تشرين الأول 2021

بعيداً من الاتهامات والاتهاماتِ المضادة، ما ثَبُت اليوم هو الآتي:
أولاً: ان ما جرى هو التصعيدُ الامني الداخلي الاخطر في لبنان منذ سنوات، وهو يحدثُ على وقعِ ازمةٍ اقتصاديةٍ وماليةٍ غيرِ مسبوقة، وهذا ما يفترضُ ان يوقظ جميعَ الضمائر النائمة، ولاسيما في ظلِّ ما تعانيه المؤسساتُ العسكرية والامنية، وان يحيِيَ الوعيُ الشعبي، خاصةً لدى فئةِ الشباب، بأن الحربَ ليست لعبة، وأن القتالَ الدخليَّ، الجميعُ فيه خاسرون.
ثانياً: ان عائلاتٍ جديدة فقدت اليوم احباءَ جدداً في نزاعٍ من دون طائل، حالُه كحالِ كلِّ نزاعٍ بين اللبنانيين على مدى التاريخ، حيث يسقطُ فيه الضحايا فِدى زعماءَ لا يلبثون ان يتصالحوا، وشعاراتٍ لا تلبث ان تُنسى وتذهب ادراجَ الرياح.
ثالثاً: الى جانبِ المشاهدِ المأسوية للموت والدمار، شكّلَت صورَ تلامذة المدارس المتكدّسين في الاورقة، واولئك المختبئين مع اهاليهم خلفَ السيارات، او المحمولين من قبل عناصرِ الجيش، رسائلَ بالغةَ التعبير إلى من يعنيهم الامر، بأن هذا الوطن يستحقُّ ان يعيش، وبأن ابناءَه صغاراً وكباراً لم يعُد مطلوباً منهم أن يخافوا او يموتوا من اجل لبنان بل أن يفرحوا ويعيشوا لأجلِه.
رابعاً: جدّدَت وقائعُ هذا اليوم الطويل طرحَ السؤالِ التالي: هل يريدُ اللبنانيون فعلاً دولة؟ واذا افترضنا ان الاجابةَ المنطقية هي “نعم”، فهل ان القوى السياسيةَ التي تمثّلُهم تريدُها؟ وفي هذه الحال، يتفاوتُ الجواب، بتفاوتِ الوقائعِ والمواقفِ والفوارق بين الشعار والتطبيق… ومن مسؤوليةِ اللبنانيين في هذه المرحلة اكثرَ من ايِّ يومٍ مضى، ان يعرفوا التمييز، وينبِذوا التعميم.
خامساً واخيراً: سؤالٌ اضافيٌّ طرحَته احداثُ اليوم، وهو لماذا الاحتكامُ الى الشارعِ والسلاح طالما المؤسساتُ قائمة ويُفترضُ ان تكونَ فاعلة؟ فكما ان للسلطتَين التشريعيةِ والتنفيذية صلاحياتٌ ينبغي أن تُستخدَم، فللسلطةِ القضائيةِ ايضاً هيكليةٌ وتراتبيةُ واختصاصاتٌ لا مفرَّ من ان تُحترَم، وما بين هذين الحدين، كل شيءٍ مسموحٌ تحتَ سقفِ الدستور والقانون.
وفي الخلاصة، الرابعُ عشر من تشرين الاول يومٌ اسودُ جديدٌ يُضاف الى سجلِّ الايامِ السوداء في تاريخِ لبنان، عسى ان يكونَ الأخير، بإرادةِ المخلِصين، وهزيمةِ المستغلّين، وتكريسِ منطقِ الدولة التي يتساوى امامَها جميعُ المواطنين في الحقوق والواجبات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com