في لبنان اليوم، لا السلطة سلطة، ولا المعارضة معارضة، ولا الثورة ثورة.
فكيف تكون السلطة سلطة، إذا كأن رأسها ومكوِّن أساسي من مكوناتها، رافضاً لكل سياساتها التي يعتبرها خاطئة، ومعترضاً عليها، وممارساً في سبيل ذلك، كل الصلاحيات التي أناطها الدستور وسمحت بها القوانين، له ولتياره السياسي ولتكتله النيابي؟
وكيف تكون المعارضة معارضة، إذا كانت قواها السياسية الرئيسية، وشخصياتُها المحورية، جزءاً لا يتجزأ من السلطة التنفيذية والتشريعية والمالية والإدارية، منذ ثلاثين عاماً على الأقل… هذا حتى لا نعود إلى مرحلة الحرب… كيف تكون المعارضة معارضة، إذا كان من ضمنها، المكوِّن الأبرز في كل حكومات ما بعد الطائف، رئاسة ووزراء، أي تيار المستقبل، بغض النظر عن وضعيته السياسية الملتبسة اليوم؟ وكيف تكون المعارضة معارضة، إذا كان الحزب التقدمي الاشتراكي من ضمنها، وهو الحاضر الدائم في كل تركيبة نيابية وحكومية، في عهد الوصاية أو بعدَه؟ وكيف تكون المعارضة معارضة، طالما حزب القوات اللبنانية يزعم قيادتها، هو الذي شارك في جميع الحكومات تقريباً منذ سنة 2005 إلى اليوم، متولياً حقائب رئيسية، كالعدل والصحة والشؤون الاجتماعية والتنمية الادارية وغيرها، فضلاً عن نيابة رئاسة الحكومة؟ هذا اذا لم نعد إلى عهد الاحتلال، وتحديداً بين سنتي 1990 و1994…
وكيف تكون الثورة ثورة، طالما ركن من أركانها حزبٌ تاريخي، ارتبط اسمه بالعهود المتعاقبة والحكومات المتلاحقة، منذ الاستقلال؟ وكيف تكون الثورة ثورة، إذا كانت وجوه اساسية فيها منتمية حزبياً بكل وضوح، او مستفيدة من منافع العهود والحكومات، قبل أن تنقلب عليها؟ وكيف تكون الثورة ثورة، إذا كانت لا تتحرك إلا ضد الأوادم، تماماً كما حصل أمس في وزارة الشؤون الاجتماعية، فيما تهمل مقرات وتتجاهل مؤسسات وتبيض صفحة جهات، كان لها الدور الأكبر والأفعل في ما وصلنا إليه اليوم؟
في لبنان اليوم، كل المفاهيم مقلوبة، ولعل السبب في تركيبة النظام السياسي، والمجتمع السياسي المركب طائفياً ومذهبياً. غير أن المواطن المراقب، والناخب المحتمل، معرض لشتى أنواع الضغوط المعنوية والمادية، عدا الحملات المنظمة في الإعلام والإعلان، بهدف التضليل والتشكيك وقلب كل الحقائق. غير ان هذا المواطن والناخب، لطالما حكَّم ضميره وأحسن الخيار، ولهذا ربما ترتفع وتيرة التدخلات ومحاولات تزوير الارادات… وفي كل الاحوال، لنا عودة الى الملفات السياسية في سياق النشرة، غير ان البداية مع هدايا الميلاد.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بنا